فجوات السيطرة الأوروبية واحتمالات الصين الواعدة!

Photo of author

By العربية الآن



فجوات السيطرة الأوروبية واحتمالات الصين الواعدة!

France's President Emmanuel Macron (L) greets Chinese President Xi Jinping at The Elysee Presidential Palace in Paris on May 6, 2024. - French President Emmanuel Macron is to host Xi Jinping for a state visit on May 6, 2024, seeking to persuade the Chinese leader to shift positions over Russia's invasion of Ukraine and also imbalances in global trade. Xi's first visit to Europe since 2019 will also see him hold talks in Serbia and Hungary. Xi has said he wants to find peace in Ukraine even if analysts do not expect major changes in Chinese policy. (Photo by Ludovic MARIN / AFP)
الرئيس الفرنسي (يسار) يستقبل نظيره الصيني بقصر الإليزيه (الفرنسية)
مُعَ بداية الأسبوع الماضي، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بعودته للرحلات الخارجية حيث زار بعض الدول الأوروبية، بدءًا من فرنسا ومرورًا بصربيا والمجر. هذا الانتقال الصيني في سماء ملبدة بالضباب تلتف السياسة العالمية والعلاقات الثنائية بين الدول. وفي ظل قلق أوروبي من القوة الصينية التي تنامت بوتيرة سريعة، وأصبحت قوة تُعدّ حصنًا يُحتسب له.

وبعد أن استقرت الصين داخليًا وانتعشت اقتصاديًا، بدأت تتجه نحو العالم الخارجي لتلعب دورًا في السياسات الدولية للحفاظ على مصالحها الاقتصادية، وهو أمر مبرر لها.

أثارت هذه الزيارة مجموعة من الأفكار التحليلية التي سأقدمها في هذه التدوينة، التي تهدف إلى نقاش قضايا قد تؤدي إلى التفصيل حول السياسة الدولية، بهدف فهم أعمق للتوازنات التي يتم إعادة ترسيمها على الصعيدين المحلي والعالمي.

بدا وكأن الصين من خلال هذه الزيارة تُمد يد العون لهذا الشريك مقابل التنازل عن مصالح اقتصادية ومناطق نفوذ جديدة. وفي الحديث بين الرئيس شي جين بينغ والرئيس الفرنسي ماكرون، يتضح هذا وإن كانت بعض الجمل تتسم بالحدة، إلا أنها كانت كالحلاوة في الروح

انطلقت زيارة الرئيس الصيني من فرنسا، الدولة التي يمكن وصفها حاليًا بـ”الشريك الأوروبي المريض”. ربما يساعدنا التأمل في التاريخ لنشاهد التشابه بين فرنسا اليوم والإمبراطورية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث تفقدت فرنسا قوتها الإستراتيجية وتصاعدت مشاكلها في أفريقيا على غرار ما حدث مع الإمبراطورية العثمانية في البلقان وأوروبا.

وتدرك الصين ذلك تمامًا، وتدرك أهمية استغلال الفرصة، لكن بطريقتها الخاصة دون محاكاة الغرب في ملء الفراغ الذي تركه انحسار النفوذ التركي والذي أدى إلى صراعات ومعاناة في تلك البلدان. يبدو أن الصين من خلال هذه الزيارة تقدم يد العون للشريك المريض مقابل التنازل عن مصالح اقتصادية ومناطق نفوذ جديدة. وفي الحديث بين الرئيس شي وماكرون في حضور مفوض الاتحاد الأوروبي، يظهر ذلك ورغم بعض التوترات في كلمات ماكرون، إلا أنها بمثابة “لحظة سكون قلبية” أو ربما محاولة لإخفاء الضعف من خلال الاستعراض، فمن الصعب التصدي للسياسة الدولية الصينية المبنية على توسيع مجال المصالح والمكاسب على هذا الكوكب من خلال تذليل الصعاب أمام الشركات والمنتجات الصينية التي تَغزو الأسواق العالمية.

في مقال نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية وأعادت نشره الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني، عبّر الرئيس شي عن استعداده لاستقبال المزيد من المنتجات الزراعية ومستحضرات التجميل الفرنسية عالية الجودة في السوق الصينية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للشعب الصيني نحو حياة أفضل”.

من خلال هذه العبارة، يمكن استنتاج درجة تقدم الصين والتغيير الذي طرأ على تبادلاتها التجارية مع العالم، بخاصة أوروبا، حيث بدأ الشعب الصيني بعد تجاوز حالة الفقر في السعي نحو الرفاهية، مما جعله في حالة استعداد لاقتناء السلع الراقية. لم تعد المنتجات التكنولوجية هي الأولوية في قوائم التسوق الصينية بعدما نجحت في تطوير صناعتها التقنية المتقدمة، مما جعل الصين قوة تنافسية في الأسواق العالمية بما في ذلك أوروبا.

ويرجع الأوروبيون هذا التفوق إلى الدعم الحكومي المتزايد الذي تقدمه الصين لشركاتها التكنولوجية، خاصة في مجال صناعة المركبات الكهربائية، ولكن هذا التبرير يبدو كمحاولة لطمس الحقيقة.

بداية النجاح الصيني في تحقيق أهدافها قد تكون من القارة الأفريقية ما يمثل حديقة أوروبا الخلفية، وعمق استراتيجيتها التي تتآكل قطعة قطعة، مع إعلان بداية فصل الخريف لفرنسا الذي لم يكن الساسة فيها يحتسبون.

استمرت زيارة الرئيس الصيني لأوروبا لمدة ستة أيام وخفت خلف كواليسها بعض الأجندات والنوايا التي لم تكن واضحة علنًا بين الصين والدول المستضيفة، حيث عاود الشك بقوة في الصحافة الغربية خلال أسبوع الزيارة. وكان من أبرزها الاستفهامات حول نجاح زيارة الرئيس الصيني لفرنسا في تحقيق أهدافها المرسومة.

فما الذي يعوق الصين عن تحقيق كل أهدافها المعلنة والمخفية؟ الصين لم تعد تلك الدولة النامية التي انشغلت بشؤون داخلية، بل أصبح لديها الآن وسائل ضغط تمكّنها من التأثير في السياسة الدولية، وقد فهمت بعض الصحفيين تلك النتائج التي خلّفتها الزيارة، بأن الشك في نجاحها يظهر عدم اهتمامهم بتطورات الساحة الدولية حيث تسيطر الصين على دور كبير فيها.

في البنود الستة لاتفاقية التبادل بين الزعيمين الصيني والصربي، يُعد دليلًا قاطعًا على التحقيق

  • الزيارة تهدف إلى ما أُعلِنَ عنها، وستوضح الأيام القادمة هدفها الحقيقي الذي أثار الكثير من التكهنات والضغوط خلف الستائر.
  • يبدو أن الصين تسعى جادة إلى تحقيق أهدافها في إفريقيا بشكل استراتيجي وبدأت ترتقي في الساحة الدولية، مما يستدعي النظر في خبرتها واستفادتها منها.
  • إنجازات الصين الدولية والمحلية تستحق الاحترام والتأمل لاقتداء بها في بلدك.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي قناة الجزيرة الرسمي.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.