كيف يؤثر مبابي على تشكيلة ريال مدريد الراهنة؟

Photo of author

By العربية الآن



كيف يؤثر مبابي على تشكيلة ريال مدريد الراهنة؟

PARIS, FRANCE - MAY 12: Kylian Mbappe (L) of Paris Saint - Germain celebrates next to Luis Enrique (R) after a score during the French Ligue 1 (L1) soccer match between Paris Saint-Germain (PSG) and Toulouse FC at Parc des Princes stadium in Paris, France on May 12, 2024. (Photo by Mustafa Yalcin/Anadolu via Getty Images)
مبابي يحتفل بآخر أهدافه مع سان جيرمان (الأناضول)
بعد الكثير من القوانين والأخبار والتكهنات، وسنوات من الانتظار الممتدة قليلاً، أعلن نجم كرة القدم الفرنسي كيليان مبابي رحيله عن سان جيرمان نهاية الموسم الراهن، إنهاء بذلك حقبة امتدت 7 مواسم في ملعب “حديقة الأمراء”.

وشارك المُهاجم الفرنسي خلال 7 سنوات مع سان جيرمان في 306 مباريات بمختلف البطولات، مُبلغًا 255 هدفا (آخرها هدفه في مرمى تولوز أمس الأحد) ومُقدمًا 108 أهداف لزملائه، كما حقق 6 بطولات دوري، و3 نسخات من كأس فرنسا، بالإضافة إلى الفوز بلقبين لكأس الرابطة و3 ألقاب لكأس السوبر.

عندما تم الإعلان عن الخبر، بدأت الشائعات في الانتشار حول استعداد مبابي للانضمام إلى ريال مدريد. خاصة بعد اعتراف ناصر الخليفي، رئيس باريس سان جيرمان، بوجود اتفاق مسبق مع مدريد. ظهرت الأسئلة: أين سيرتحمل مبابي في هذا الفريق المليء بالنجوم؟ وكيف سيلتأم مع التشكيلة الحالية؟ وهل سيسبب وجوده أي نزاعات في غرفة تغيير الملابس؟

ليس هناك حاجة لمهاجم

بعد رحيل كريم بنزيمة عن مدريد الموسم الماضي، وفشل فلورنتينو بيريز في توقيع مهاجم بديل، نجح المدرب كارلو أنشيلوتي في إيجاد حل يعوض رحيل المهاجم الوحيد، من خلال التعاقد مع جود بيلينغهام كلاعب وسط هجومي، مما جعل وسط الميدان ساري المظهر.

تغيرت تكتيكات الفريق من نظام 4-3-3 بفينيسيوس جونيور في الجهة اليسرى، ورودريغو غوس في الجهة المقابلة كجناح داخلي، وكريم بنزيمة على الجبهة، لنظام 4-4-2، بتواجد تشاوميني، توني كروس، فالفيردي في وسط الملعب لبناء الهجمات من منتصف الملعب.

وتم التخلي عن مركز المهاجم الصريح لصالح منح الحرية لثلاثي الهجوم المؤلف من بيلينغهام، في مركز فنصيوس ورودريغو على الأطراف، بينما انتقل بيلينغهام من لاعب وسط إلى مهاجم زائف، يأتي من الخلف لاستغلال التسربات في منطقة الجزاء بشكل ملائم للعب، مما أدى إلى تسجيل بيلينغهام 22 هدفًا وصناعة 10 تمريرات حاسمة في 38 مباراة.

بذلك، تكيف أنشيلوتي بشكل رائع مع رحيل بنزيمة، وأثبت الفريق نجاحه بفوزه بالدوري والوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا. فهل لا يزال ريال مدريد بحاجة إلى مبابي كمهاجم؟

الجبهة اليسرى

مبابي لا يفضل اللعب كمهاجم صريح، وهذا ليس افتراضًا بل من خلال تصريحاته بعد المباراة مع نمسا في دوري الأمم الأوروبية، حيث أوضح أنه يستمتع باللعب للمنتخب بسبب “الحرية الكبيرة” التي يتمتع بها هناك، عندما يُستخدم “أوليفييه جيرو كمهاجم أساسي أمام الدفاع المنافس، مما يسمح له بالتجوال في الجبهة اليسرى وتمرير الكرات إلى المهاجم”.

الفراغات والفجوات:

في عواصم أوروبا، يظهر الفرق بوضوح، ففي باريس، يُضغط “المدرب” بجدية على اللاعب “للتنقل في العرضة”، بالتالي، لا يعتبر نفسه مهاجمًا نقيًا ويمتنع عن اللعب في هذا الموقع. هذا يدل على أن شغله لفتناسوس على الجانب الأيسر سيؤثر سلباً على الفريق عندما ينضم رسميًا، مما سيجعل المدرب يواجه تحديًا صعبًا، خاصة بعد الأداء المبهر الذي قدمه في هذا الموسم. هذا قد يجعل اعتبار التخلي عنه أمرًا جنونيًا.

وهناك أيضًا مشكلة أساسية، فعلى الرغم من أن نقشات الحركة تظهر اختلافًا واضحًا في الفجوات التي يعمل فيها فيننسيوسبوس ومبابي، حيث ينصب اهتمام الأول على الجانب الأيسر، في حين يمزج المبابي بين لعبه على الخط وذبح الشرايين في الممرات الداخلية وفي نصف الفراغات. عند النظر إلى الإحصاءات، ستجد أن 30٪ من لمساته على الجهة اليسرى، بالإضافة إلى 31٪ في الممر الداخلي الأيسر، بينما تتم 5٪ من اللمسات داخل منطقة الجزاء.

ومع ذلك، سيظل التحدي قائمًا مع وجود خورية ومبابي في الملعب، حتى وإن كان بأثر رجعي أقل، فإن الحل الوحيد سيكون العودة إلى نظام اللعب 4-3-3، وهذا ما أشار إليه إيفان فوينتي، الخبير الإسباني من موقع “ترانسفير ماركت”. قائلاً “نتوقع أن يلعب مبابي في مركز المهاجم، نظرًا لسرعته في الهجمات المضادة، بينما يشغل فينيسيوس الجناح الأيسر ويشغل رودريغو الأيمن”، مما يسهم في التناغم بينهم داخل الملعب، وفقًا لنتائج المباراة ونمط الهجوم.

حلا جيدًا ولكنه يتوقف على عاملين:

تتعلق صفقة مبابي بقبوله للعب كمهاجم عارض، واتقان اللعب في الفراغات الضيقة، واستقبال الكرات ظهرًا للمرمى، والقدرة على المنافسة على الكرات العالية، دون إزعاج فينيسيوس على الطرف الأيسر ويجب إقناع بيلينغهام بالانسحاب إلى وسط الملعب مرة أخرى، وتجنب الدخول في منطقة الجزاء، حيث تكون من اختصاص الهجوم الثلاثي الجديد، وهذا قد يؤدي إلى انخفاض لمساته داخل منطقة العمليات وبالتالي تصغير أهدافه، مما قد يقلل من شعبيته لصالح القادم الجديد. هل سيوافق أحدهم على هذه الاقتراحات؟

من يحثهم على الاستسلام؟

تعتمد أمال بيريز بشكل كبير على القدرات والجاذبية الكروية لـ أنشيلوتي في إقناع اللاعبين بتقديم تنازلات، من أجل تحقيق أهدافه. ومع ذلك، فإن هذا يتطلب المساواة في الأمور المالية والروحية بين الجميع، وهو أمر لا يمكن تحقيقه في هذه الحالة، حيث يُتوقع أن يحصل مبابي على أعلى راتب في الفريق.

عندما كان ريال مدريد يلاحق مبابي في عام 2017، تأجلت الصفقة جزئيًا بسبب نسبة الأجر التي طلبها تعادل 12 مليون يورو سنويًا بعد الضرائب، وهو شيء قد يتجاوز سقف الرواتب في النادي. لذلك، انضم مبابي إلى باريس سان جيرمان مقابل 180 مليون يورو.

في الوقت الحالي، تختلف الأمور بشكل كبير، حيث بذل النادي جهودًا كبيرة لجلب اللاعب لسنوات عديدة، ورفض ضم لاعبين مميزين آخرين مثل هاري كين، بالإضافة إلى شهرة مبابي التي ارتفعت في السنوات الأخيرة، مما يجعله يُطالب برواتب أكبر، خاصة بعد فوزه بكأس العالم 2018.

ووفقًا لصحيفة “آس”، يطمح مبابي للحصول على راتب سنوي يبلغ 25 مليون يورو، مما يزيد بشكل كبير عن رواتب اللاعبين الأعلى أجرًا في الفريق، مثل ديفيد ألابا (10.8 مليون يورو) وتوني كروس (10.7 مليون يورو) بالإضافة إلى بيلينغهام. بالإضافة إلى ذلك، هناك إدير ميليتاو، وتيبو كورتوا، وأنطونيو روديغر، وفينيسيوس، يتقاضون حوالي 8 ملايين يورو سنويًا، مما قد يسبب بعض الأزمات داخل الفريق في حال تمت الصفقة بالمبلغ الكبير هذا، وتلك الأزمات الفنية والتكتيكية قد تنفجر في أي لحظة.غرفة” @relevo #rmalive pic.twitter.com/fSzSlxh5tL

— منطقة مدريد (@theMadridZone) 10 مايو، 2024

روح المديرية فلورنتينو

هنا ينبغي التأكيد كذلك على أن الإعمال مع مبابي لم تكن يومًا من الأهداف مدرب الفريق أنشيلوتي، بشكل خاص وأن الصفقة لن توثر على سطح الفريق التكتيكي بشكل جذري، وأن مبابي لن يأتي ليخلّص الفريق من محنته، فحتى النهاية يبقى ريال مدريد بطلاً للدوري الإسباني والمرشح الأكثر حظًا لاتحاوز لقب دوري الأبطال أوروبا قبل قدوم اللاعب الفرنسي.

وهذا يشير إلى أن الصفقة من اهتمامات فلورنتينو الشخصية، ولدوافع اقتصادية تخص استفادة من شهرة اللاعب الكبيرة، في تدشين حقبة جديدة للنادي يكون هو بطلها، خاصة وأن التعاقد سيحدث في وقت متزامن مع التحسينات الرائعة لملعب “سانتياغو برنابيو” في السنوات الأخيرة، مما سيجعل مبابي الجوهرة الفريق التي تفتح حقبة جديدة.

تلك هي الروح التي تحرك فلورنتينو منذ البداية، أن يملك أفضل اللاعبين في الكرة، وأن يجعل النادي محور اهتمام الأساطير، ثم استفادة من انتشارهم الواسع من أجل تعزيز الأرباح، ودون مراعاة لما يحتاجه الفريق فعليًا من دعم، أو إلى نواقصه الحقيقية، أو حتى إلى رأي المدرب في أي من هذه الصفقات، فالأهم بالنسبة له هو البريق اللاعب، وليس الإسهام الحقيقي أو الفعلي في تشكيلة الفريق.

في عام 2000 على سبيل المثال، غير فلورنتينو منهج اللعب باستقطاب لويس فيغو من برشلونة، بمقابل الدفع الجزائي البالغ 60 مليون يورو، في “صفقة القرن” كما اطلق عليها البعض. وبعد وصول البرتغالي، وصل كل من زيدان ورونالدو وبيكهام لبناء فريق دخل التاريخ من كثرة النجوم، وأصبح معروفًا للقاصي والداني باسم “الغلاكتيكوس”. صحيح أن النتائج الرياضية لم تكن مذهلة كما كان متوقعًا، إلا أن الآثار الاقتصادية كانت هائلة للغاية.

ثم جاءت الثورة الثانية عام 2009، حيث استقطب فلورنتينو بضربة واحد كل من كريستيانو رونالدو وكاكا وبنزيما وتشابي ألونسو لإعطاء دفعة للفريق المنزوعة منذ عام 2005. وتحت قيادة مورينيو، عاد ريال مدريد للمنافسة على البطولات وصعد المشروع إلى القمة عام 2014 بالحصول على دوري الأبطال العاشر، ثم توالت الانتصارات بثلاثة دوريات أبطال أوروبا متتالية بين عام 2016 و2018.

والآن ها هي الثورة الثالثة والأخيرة لفلورنتينو تنطلق بالتعاقد مع بيلينغهام، الصيف الماضي، وهو اللاعب الذي أبرز تميّزه على مستوى الرياضة والتسويق، وقد حقق التوقيع المحتمل مع مبابي والمتبقي هو جمع التكاليف الضخمة للحصول على اللاعب لفترة طويلة، بعد تجاوزه العديد من التحديات فيما يتعلق براتبه ومزاياه الشخصية.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.