هل يحقق ذلك الرفاه حلمًا جديدًا؟

By العربية الآن



هل يحقق ذلك الرفاه حلمًا جديدًا؟

حزب العدالة والرفاه من أكثر الأحزاب دعما لأنيس باسويدان مرشح تحالف التغيير خاصة مع توافق ذلك مع موقف الحزب المعارض طوال تسع سنوات ماضية من حكم الرئيس الحالي جوكو ويدودو33 من صفحات الأحزاب - مسموح للاعلام باستخدامها
حزب الرفاه يبدأ طريقًا جديدًا بعيدًا عن فكر “الأستاذ”، ويصبح تيارًا محافظًا دينيًا واجتماعيًا في تركيا (صفحة حزب الرفاه)
في مقال (الانتخابات البلدية التركية.. صدمات ومفاجآت) توعدنا بتقديم مقال خاص لحزب الرفاه حيث يكون البعض يعتبره اللاعب المظلم المستقبلي في السنوات القادمة بسبب الإنجازات التي حققها خلال السنوات الأخيرة، لهذا وبسبب الظروف السائدة وسرعتها، نفي بوعدنا.

تمكن أربكان وتحالفه من تأثير المجتمع التركي من خلال تغيير نهجه في القضايا الاجتماعية والسياسية

تم اثارة جدل كبير بشكل خاص فيما يتعلق برؤية الحزب للنظام الجمهوري والمبادئ التي تأسس عليها

بعد أن أمضى الاستاذ نجم الدين أربكان ثلاث سنوات في السجن بسبب انقلاب عام 1980 بعد أن تأثر بموجة الحريات التي اجتاحت البلاد خارج حدود سجنه، ليعود للحياة السياسية. أسس حزب الرفاه في عام 1983 بعد خروجه مستفيدًا من الإفتتاحية نحو الحريات التي انفلتت من قبضة العسكر في عهد حكم تورغوت أوزال. شارك في الانتخابات في نفس العام ولكن لم يحصل إلا على نسبة 1.5% من الأصوات. لم يفقد الاستاذ الأمل وواصل جهوده السياسية. نجح في الفوز في عام 1994 بأكثر من 400 بلدية سواء كبرى أو صغيرة، بما في ذلك أنقرة وإسطنبول. هذه الإنتخابات أظهرت ارتفاع شعبية حزب الرفاه الذي شرع في المشاركة في انتخابات برلمانية في عام 1996 وفاز بالأغلبية. شكل حكومة ائتلافية مع حزب الطريق القويم برئاسة تانسو تشيللر، وتولى نجم الدين أربكان رئاسة الحكومة. كان وزير الدولة في هذه الحكومة والناطق الرسمي عنه عبد الله جول، الذي تأسس حزب العدالة والتنمية لاحقًا وانشق عن حزبه الأصلي، وهذا التغيير وفق رؤية الشباب في الحزب.

تمكن أربكان وحزبه من التأثير في المجتمع التركي من خلال تبني نهج جديد في القضايا الاجتماعية والسياسية، ما أثار جدلًا كبيرًا في نظرتهم للنظام الجمهوري والقيم التي يستند عليها. بعض الناس يرون أن الحزب أحدث تحولًا كبيرًا في القيم الاجتماعية والثقافية من خلال ترويج القيم الإسلامية والسعي لتطبيقها في مجتمع يعتمد على العلمانية، حيث أثارت نظرة الحزب ورئيسه جدلًا واسعًا حول العلاقة بين العلمانية والدين.

ولكن الجدل لم يكن مقتصرًا على النظرة الفلسفية للحزب بالعلاقة بين الدين والعلمانية وهوية المجتمع وجذوره. طالب “الأستاذ” بالانسحاب من حلف “ناتو” نظرًا للتعارض بين قيم الحلف وقيم المجتمع التركي المستمدة من التقاليد الإسلامية، إلى جانب الخلافات حول السياسات الاقتصادية التي دعت إلى اعتماد “الاقتصاد الإسلامي” وتوزيع الثروة بشكل عادل. لم يكن الوضع ملائمًا للرجل وحزبه، حيث جاء انقلاب عام 1997 الذي أطاح بالرجل وحزبه بعد انقلاب الحريات الذي حدث.

حزب الرفاه دخل من جديد انتخابات 2023 للبرلمان والرئاسة تحت تحالف الجمهور، بعد تنازل فاتح أربكان عن ترشحه لرئاسة البلاد لصالح الرئيس أردوغان والتنسيق معه في الانتخابات البرلمانية حيث حصل على 1.5 مليون صوت

بتغير الظروف وتقليل دور العسكر، ووضع أسس جديدة للعلمانية في المجتمع، وتغيير توجه المحكمة العليا في فهم الدستور الوطني، يعود حزب الرفاه من جديد بقيادة الابن، محمد علي فاتح أربكان، الذي قدم برنامجا جديدا للحزب باسم نفسه الذي اختاره والده عند تأسيس الحزب. بالرغم من توليه منصب رئيس الوزراء بسرعة بعد تأسيس حزبه الجديد، إلا أن فاتح أربكان يُظهر تأثيره وقوته، ويعلن عن عودة حزبه بعد نجاحين مهمين في الانتخابات البرلمانية والبلدية. حزب الرفاه من جديد تأسس في نوفمبر 2018 بعد انشقاق فاتح أربكان عن حزب السعادة الذي أسسه والده وانتزعت المحكمة قرار بإغلاق الحزب وغيرها من الأحزاب التي أنشأها، بما في ذلك حزب الرفاه في 1998.

حزب الرفاه من جديد يخرج من عباءة أفكار “الأستاذ” ويُعبر عن تيار محافظ ديني واجتماعي في تركيا، يحمل مبادئ تيار الرؤية الوطنية الذي وضعه نجم الدين أربكان. تعني أيديولوجية الحزب القومية بتعزيز القوة الروحية والمعنوية للعقيدة الإسلامية، وتحث على احترام القيم الدينية، وتسعى لمواجهة التأثيرات الغربية. برنامج الحزب وأهدافه يتطلعون لبناء عالم جديد ونظام عادل بقيادة تركيا العظمى مرة أخرى، يرفض الصهيونية ويسعى لمجتمع متساوٍ وفقًا للشريعة الإسلامية، يسعى أيضًا لتأسيس مجتمع يعتمد على تقاليد الأسرة برفض المفاهيم الغربية الحديثة حول الأسرة والجنس. يتقارب الحزب في ذلك كثيرًا مع حزب العدالة والتنمية.

حزب الرفاه دخل من جديد انتخابات 2023 للبرلمان والرئاسة تحت تحالف الجمهور، بعد تنازل فاتح أربكان عن ترشحه لرئاسة البلاد لصالح الرئيس أردوغان والتعاون معه في الانتخابات البرلمانية حيث حصل على 1.5 مليون صوت، ممثلا

نسبة 2.8% من إجمالي أصوات الناخبين، تؤهله للحصول على 5 مقاعد في البرلمان للمرة الأولى منذ تأسيسه. لكن في انتخابات المجالس المحلية، قرر الحزب سحب نفسه من تحالف الجمهور بقيادة العدالة والتنمية، مما يشكل تحديًا كبيرًا له. هذا القرار أطلق جرس إنذار للمراقبين بأن هناك كيانًا جديدًا ينمو بسرعة وبقوة في مجالات كانت خاضعة لسيطرة الأحزاب الكبيرة.

نظراً لنجاحه وتحقيقه لرفاهية جديدة وللحصول على عدد من الأصوات يفوق الأحزاب الكبيرة مثل حزب المستقل وسعادات والديمقراطي والمملكة والاتحاد الكبير والنصر، فإن صعوده وتناغمه الأيديولوجي مع الحزب الحاكم يجعله منافساً قوياً ولا يمكن تجاهله.

لكن توقيت القرار كان مبنياً على الوضع الراهن في الساحة السياسية التركية، والذي يسمح للرفاهية بالمنافسة في ظل تراجع الأحزاب الكبيرة، مما يحتم على داعميها البحث عن سفينة أخرى تستطيع توجيه أصواتهم فيها وتحقيق طموحاتهم. حزب الحركة القومية، الذي اكتسب بهوية إسلامية خلال السنوات العشر الأخيرة، بدأ يتجه نحو توجه يشبه شريكه في التحالف العدالة والتنمية، مما دفع الأخير إلى التخلي عن بعض من مبادئه للتكيف مع الواقع وتفادي انخفاض الدعم الشعبي الناجم عن مواقفهم المتشددة تجاه قضايا وأفراد ودول. وفي الجهة الأخرى، قام القوميون في حزب الجيد باعتبارية للانتقال إلى الحزب القريب منهم، حزب الشعب الجمهوري. كل تلك العوامل كانت محفزة لقرار حزب الرفاهية بالمشاركة في الانتخابات المحلية بمفرده.

يظهر هذا القرار ملامح جديدة للمنافسة السياسية، ويعكس فترة جديدة من التنافس والانقسام السياسي في تركيا. وبالنظر إلى الوقائع المذكورة سابقًا، ولأن الرهان نجح وحقق الرفاهية من جديد نتائج غير متوقعة، فإن صعود حزب الرفاهية يجعله منافسًا قويًا وليس من السهل التغاضي عنه، خاصة مع التخفيف الذي تم منه لعبء السلطة وقيودها ومحدودياتها. وعلى الرغم من أن أغلب أصوات المحافظين التي فقدها العدالة والتنمية انتقلت بشكل أساسي إلى حزب الرفاهية، مما جعله هدفًا رئيسيًا مرة أخرى، يبقى السؤال معلقًا حول ما إذا كان حزب الرفاهية سيتمكن من تحقيق نجاح في الانتخابات المحلية بعد مرور 26 عامًا؟

الآراء المذكورة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر قناة الجزيرة.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version